Ads 468x60px

Social Icons

Social Icons

( خطبة شهر الحمل )



الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علما. وأحصى كل شيء عددا. عظّم الأشهر الحُرُم وجعل منها شهره الحرام رجب. وفخّم قدره في الأعصر الخالية وأوجب فخره في الإسلام فوجب. سمّاه رجبا ولقّبه بالأصمّ إذ لا يُسْمَع فيه قعقعة سلاحٍ بين العرب. ورواه بالبر وصبّ فيه الرحمة قلقّبه بالأصب. أكثر فيه النعمة. وأزال فيه الغمّة. وأجاب فيه مَنْ طلب. فسبحانه من إله اختصّ ما شاء من الشهور بما شاء من الفضائل وأخفى ذلك عن الإدراك. حتى تهتمّ نفوس الطالبين وتشتغل هِمَمُ الراغبين في كل أوقاتها بالإستدراك.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. إصطفى عنصر نبيّه الطاهر صلى الله عليه وسلم من أطيب العناصر. وانتقى نسبه الفاخر من أكرم الأواصر. وشرّف به أبوَيْه الطاهرَيْن. وخصّهما بظهور طلعته التي هي أبهج المناظر. وأشهد أنّ سيّدنا محمّدا عبده ورسوله. وصفيّه من خلقه وخليله. إجتباه ربّه وحماهُ منَ الدنّسِ والرّجسِ. وطهّرهُ تطهيراً. واختار لحمله بطونا وظهورا. ونقل نورهُ من الأصلابِ الطاهرة إلى الأرحام الزكية. تَعظيماً لهُ وتوقيراً. إلى أن خرج من بطن أمّه نورا أضاء لها من الشام قصورا. وابتهج الكَوْن بمقدمه فرحا وسرورا.
لهُ النسبُ العالي فليسَ كمثلهِ ** حسيبٌ نسيبٌ مُحْسِنٌ مُتكرِّمُ
جليلٌ بتاجٍ للجمالِ مُخصَّصٌ ** جميلٌ بآلاءِ البهاءِ مُعَمَّمُ
فما الكوْنُ إلاّ حُلَّةٌ ومُحَمَّدٌ  **طِرازٌ بأعلامِ الهِدايةِ مُعْلَمُ
فصلّوا على الرُّسْلِ الكِرامِ جميعِهِمْ ** وزيدوا على طهَ الصلاةَ وسلِّمُوا

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على سيِّدِنا محمّد. درّة الأكوان. وهديّة الرحمان. وعلى آله البدور الحسان. وصحابته الليوث الشجعان. صلاة تختم لنا بها بخاتمة السعادة والإيمان. وتكسونا بها ملابس الرضى والرضوان. وتسكننا بها مع مَنْ أنعمتَ عليهم أعالي الفراديس وفسيح الجنان. بفضلك وكرمك يا أرحم الراحمين. يا رب العالمين. أمّا بعد: فيا أيّها المسلمون. قد أظلّنا شهر عظيم مبارك، إنّه شهر رجب، أوّل الشهور الحُرُم، التي قال الله عنها في سورة التوبة:((إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)). وهذهِ الأربعةُ الحُرُمُ بيَّنَها النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم في حجَّةِ الوداعِ. كما في الحديث المتّفَق عليه. فعَنْ أبي بَكْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنَّه قالَ:((إنَّ الزّمانَ قَدِ استدارَ كهيئتِه يومَ خلقَ اللهُ السّمواتِ والأرضَ. السَّنَةُ اثنا عَشَرَ شهراً. مِنْها أربعةٌ حُرُمٌ. ثلاثةٌ متوالياتٌ: ذو القَعْدَةِ وذو الحِجَّةِ والمحرَّمُ. ورجبٌ مُضَرَ. الذي بينَ جُمادَى وشعبانَ)). وسمّي رجب مضر. لأنّ مضر كانت لا تغيّره. بل توقعه في وقته. بخلاف باقي العرب. الذين كانوا يتلاعبون في الشهور. وهو النسيء المذكور في قوله تعالى في سورة التوبة:((إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضِلُّ بِه الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّه)). أيّها المسلمون. إنّ أعظم نعمة نتذكّرها في بداية هذا الشهر الميمون. هِيَ الحَمْلُ بالنور المكنون. والسر المصون. والجوهر المخزون. سيّدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم. روى الخطيب البغدادي عن سهل بن عبد الله التستري رضي الله عنه قال: لمّا أراد الله تعالى خَلْق سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم في بطن أمّه آمنة ليلة رجب. وكانت ليلة جمعة. أمر الله تعالى تلك الليلة رضوان خازن الجنان. بفتح الفردوس وينادي مناد في السموات والأرض: ألا إنّ النّور المخزون المكنون الذي يكوَّن منه النبيّ الهادي في هذه الليلة يستقرّ في بطن أمّه. الذي فيه يتمّ خَلْقُه. ويخرج إلى الناس بشيرا ونذيرا. فعند ذلك أُعطي لمولاتِنا السيّدة آمنة رضي الله عنها من النور والجمال. والبهاء والعفاف والكمال. ما كانت تُدْعى به سيّدة قومها. ولم يبق في تلك الليلة دار ولا مكان إلا ودخله نور. ولا دابّة لقريش إلا نطقت تلك الليلة وقالت: حُمِلَ برسول الله صلى الله عليه وسلم وربِّ الكعبة. وهو أمان الدنيا وسراج أهلها. وبارك الله لعباده ببركة الحمل به صلى الله عليه وسلم في الزرع. حتى كثُر الخير ودرّ الضرع. وصار الخير يتوالى بتوالي أيّامه الميمونة. والبركات تُفاض وبالمسرّات مقرونة. ورحم الله الإمام البوصيري إذ يقول في همزيته مهنّئا السيّدة آمنة رضي الله عنها بهذا الشرف الأكبر والتمييز الأظهر بسبب حملها برسول الله صلى الله عليه وسلم:

                           فَهَنِيئاً بِهِ لآمِنَةَ الْفَضْــــــ** ــــلُ الذِي شُرِّفَتْ بِهِ حَوَّاءُ
                           مَنْ لِحَوَّاءَ أَنَّهَا حَمَلَتْ أَحْـــ***ــــــمَدَ أَوْ أَنَّهَا بِهِ نُفَسَاءُ
                         يَوْمَ نَالَتْ بِوَضْعِهِ ابْنَةُ وَهْبٍ ** مِنْ فَخَارٍ مَا لَمْ تَنَلْهُ النِّسَاءُ
                               وَأَتَتْ قَوْمَهَا بِأَفْضَلَ مِمَّا *** حَمَلَتْ قَبْلُ مَرْيَمُ الْعَذْرَاءُ
أيّها المسلمون. هذه وقفة مع هذه الشخصية العظيمة. والأمّ الجليلة. التي طالما نقّصت المصادر والراويات عنها، ويمكن أن نلمس ملامحها من خلال صورة ابنها العظيم. صلى الله عليه وسلم الذي آوته أحشاؤها، وغذّاه دمها، واتّصلت حياته بحياتها، تندرج سيّدتنا آمنة بنت وهب رضي الله عنها من أسرة آل زُهْرة. ذات الشأن العظيم، فقد كان أبوها وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مُرَّة بن كعب بن لؤي سيّد بني زهرة شرفا وحسبا، ولم يكن نسب سيّدتنا آمنة رضي الله عنها من جهة أمّها دون ذلك عراقة وأصالة. فهي آمنة بنت بَرّة بنت عبد العُزَّى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مُرَّة بن كعب بن لؤي. ويؤكِّد هذه العراقة والأصالة بالنسب إعتزاز الرسول صلى الله عليه وسلم بنسبه. فقد أخرج أبو نُعَيم في دلائل النبوّة من طُرُق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الطيّبة. إلى الأرحام الطاهرة. مصفىّ مهذَّبًا، لا تتشعّب شعبتان إلا كنت في خيرهما)). وقال أيضا:((أنا أنفَسُكم نسبا وصهرا وحسبا)). وذلك على رواية فتْح الفاء في قوله تعالى في سورة التوبة:((لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفَسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)). ورحم الله الإمام البوصيري حيث قال. وأفصح في المقال:
نَسَبٌ تَحْسِبُ الْعُلاَ بِحُلاَهُ ** قَلَّدَتْهَا نُجَومَهَا الْجَوْزَاءُ
                                حَبَّذَا عِقْدُ سُؤْدَدٍ وَفَخَارٍ **أَنْتَ فِيهِ الْيَتِيمَةُ الْعَصْمَاءُ
فهي رضي الله عنها تلتقي في النسب مع إبنها رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة آبائه في كلاب. نشأت رضي الله عنها في أسرة عريقة النسب، مشهود لها بالشرف والأدب، اتّسمت بالبيان، وعُرِفَت بالذكاء وطلاقة اللسان، وتعدّ أفضل امرأة في قريش نسباً ومكانة. تفتّح صباها في أعزّ بيئة وأطيب منبت. فاجتمع لها من أصالة النسب ورفعة الحسب، ما تزهو به في ذلك المجتمع المكي. المعتزّ بكرم الأصول ومجد الأعراق. فكانت رضي الله عنها تُعْرَف بزَهْرَة قريش. فهي بنت سيّد بني زهرة نسبا وشرفا، وقد ظلّت في خِدْرها محجّبة عن العيون. مصونة عن الإبتذال، حتى ما يكاد الرواة يتبيّنون ملامحها. أو يتمثّلونها في صباها الغضّ، والذي يعرفه المؤرّخون عنها أنّها عندما خُطِبَت لعبد الله بن عبد المطلب كانت يومئذ أفضل فتاة في قريش نسبا وموضعا. وقد وصف ابن هشام السيّدة آمنة رضي الله عنها في سيرته: أنّها كانت يومئذ أفضل فتاة في قريش نسبا وموضعا وجاها وجمالا وكمالا. ووِفْقا لتقاليد العُرْف في ذلك الزمن أقام سيّدنا عبد الله مع زوجته آمنة في بيت أهلها ثلاثة أيام. وكان ذلك في ليلة الجمعة من أوّل رجب في شِعْب أبي طالب. فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم في أوّل ليلة زفافها. وروى ابن سعد، عن يزيد بن عبد الله بن وهب بن زمعة عن عمّه، والبيهقي عن ابن إسحاق رحمهما الله تعالى قال: كنّا نسمع أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حملت به آمنة كانت تقول: ما شعرت أنّي حملت به ولا وجدت ثقله كما تجد النساء إلا أنّني أنكرت رَفْع حيضتي. وربما ترفعني وتعود. وأتاني آت وأنا بين النائمة واليقظانة فقال لي: هل شعرت أنّك حملت؟ فأقول: ما أدري. فقال: إنّك حملت بسيّد هذه الأمّة ونبيّها. ثم أمهلني حتى إذا دنت ولادتي أتاني ذلك الآتي فقال قولي: أعيذه بالواحد من شر كل حاسد. فإذا وضعته فسمّيه محمدا. وآية ذلك: أنه يخرج معه نور يملأ قصور بصرى من أرض الشام، ولم تطل إقامة سيّدنا عبد الله مع السيدة آمنة، بل اضطرّ لتركها وهي حامل. عندما بعث به والده عبد المطلب في رحلة تجارية إلى الشام. وفي طريق عودته مرض فمرّ بأخواله بني عدي بن النجار في المدينة المنورة. فأقام عندهم شهرا يعانون سُقْمه وشكواه. فتوفي ودفن هناك. ورسول الله صلى الله عليه وسلم له شهران من الحمل. ولم يكن أمام السيّدة آمنةُ بنت وهبٍ سوى أنْ تتحلّى بالصبر على مصابها الجلل، الذي لم تكن تصدّقه حتى إنّها كانت ترفض العزاء في زوجها، ووجدت في هذا الجنين مواساة لها عن فراق زوجها، ووجدت فيه مَنْ يخفِّف عنها أحزانها العميقة. وتتكرّر الرؤى عند السيّدة آمنة. وبعد تسعة أشهر من الحمل جاءها المخاض. فكانت وحيدة ليس معها أحد. ولكنها شعرت بنور يغمرها من كل جانب، وخُيِّل لها أنّ مريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون، وهاجر أمّ إسماعيل كلهنّ بجنبها، فأحسّت بالنور الذي انبثق منها، ومن ثَمَّ وضعت وليدها كما تضع كل أنثى من البشر.
 وُلِد الهدى فالكائنات ضياء ** وفم الزمان تبسّم وثناء
الروح والملأ الملائك حوله ** للدين والدنيا به بُشَراء
والعرش يزهو والحظيرة تزدهي ** والمنتهى والدرة العصماء

وهنا اكتملت فرحة السيّدة آمنة فوليدها بجوارها، ولم تعد تشعر بالوحدة التي كانت تشعر بها من قبل. وفرح الجدّ عبد المطلب بحفيده، وشكر الرب على نعمته العظيمة. وبعد بضعة أيام جفّ لبن السيّدة آمنة بسبب ما أصابها من الحزن والأسى لموت زوجها الغالي عليها. فأعطته للسيّدة حليمة السعدية لترضعه، وفي الفترة التي عاشها صلى الله عليه وسلم عند حليمة حدثت له حادثة شقّ الصدر التي فزعت النفوس بها. أيّها المسلمون. وحان الوقت الذي كانت السيّدة آمنة تترقّبه. حيث بلغ ولدها السادسة من عمره. بعد العناية الفائقة به. وظهرت عليه بوادر النضج. صحبته إلى أخوال أبيه المقيمين في المدينة المنورة. لزيارة قبر أبيه سيّدنا عبد الله. وفي رجوعها مرضت مرضا شديدا. ((وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ)). كما قال تعالى في سورة ق. ووافتها المنية بالأبواء. ودفنت هناك. رضي الله تعالى عنها وأرضاها. قال تعالى في سورة الاعراف:(( فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ)). فحضنته أمّ أيمن بركة الحبشية. ورجعت به إلى جدّه عبد المطلب. فاعتنى به عناية قوية. وظلّ النبيّ عليه الصلاة والسلام يذكر أمّه حتى كانت حجّة الوداع. ففي كتاب (سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد) للصالحي الشامي قال: روى أبو حفص بن شاهين والمحبّ الطبري في سيرته والدارقطني وابن عساكر عن السيّدة عائشة رضي الله عنها قالت: حجّ بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حجّة الوداع، فمرّ على عقبة الحجون وهو باك حزين مغتمّ، فبكيت لبكائه، ثم إنّه طفق أي شرع يقول:((يا حميراء إستمسكي، فاستندت إلى جنب البعير، فمكث عنّي طويلا ثم عاد إليّ وهو فرح مبتسم، فقلت له: بأبي أنت وأمّي يا رسول الله، نزلت من عندي وأنت باك حزين مغتمّ فبكيت لبكائك، ثم إنّك عدت إليّ وأنت فرح مبتسم فممّ ذاك؟ قال: ذهبت لقبر أمّي فسألت ربّي أن يحييها، فأحياها فآمنت بي وردّها الله تعالى)). وروى السهيلي في (الروض الأنف شرح سيرة ابن هشام) عن عروة بن الزبير عن السيدة عائشة رضي الله عنها:((أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل ربّه أن يحيي أبويه فأحياهما له فآمنا به ثم أماتهما)). وقال السهيلي بعد إيراده هذا الحديث. والله قادر على كلّ شيء. وليس تعجز قدرته ورحمته عن شيء. ونبيّه عليه السلام أهل أنّه يخصّه بما شاء من فضله. وينعم عليه بما شاء من كرامته. صلى الله عليه وسلم. وفائدة إحيائهما. مع أنّ أهل الفترة لا يعذّبون. وهي إتحافهما بكمال لم يحصل لأهل الفترة. وقال القرطبي: فضائل النبي صلى الله عليه وسلم وخصائصه لم تزل تتوالى وتتتابع إلى حين مماته. فيكون هذا ممّا فضّله تعالى وأكرمه به، وليس إحياؤهما وإيمانهما به ممتنعا عقلا ولا شرعا، فقد ورد في الكتاب العزيز إحياء قتيل بني إسرائيل وإخباره بقاتله. وكان عيسى عليه السلام يحيي الموتى. وكذلك نبيّنا صلى الله عليه وسلم أحيا الله تعالى على يديه جماعة من الموتى. وما أحسن ما قاله الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي. رحمه الله. في كتابه المسمّى: "مورد الصادي في مولد الهادي". بعد إيراد الحديث المذكور منشدا لنفسه:
حبا الله النبيّ مزيد فضلٍ ** على فضلٍ وكان به رؤوفا
فأحيا أمّه وكذا أباه ** لإيمانٍ به فضلا لطيفا
فسلِّم فالقديم بذا قديرٌ  **وإن كان الحديث به ضعيفا
أيّها المسلمون. إنّ للسيّدة آمنة بنت وهب رضي الله عنها فضلا لن نحصيه. ولن تحصيه البشرية جمعاء. إنّها أهدت للكَوْن بأسره ذاك الإنسان الكامل. ذاك النور العظيم! ذاك الرحمة للعالمين! سيّدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم. طيّب الله ثراها. وجعل الفردوس الأعلى مأواها. وأمدّنا بمددها. وأعاد علينا من بركاتها. وأنشقنا نسمة من أسرار نفحاتها. فسلام الله عليكِ يا سيدة الأمّهات. ووالدة أشرف المخلوقات. سيّدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم. اللهم إنّا توسّلنا إليك بأمّ سيّد الأنام. أظلّنا تحت ظلّ عرشك يوم الزحام. وتوفّنا مسلمين وأحسِن لنا الختام. واجعل مقرّنا عندك في دار السلام. بفضلك وكرمك يا أرحم الراحمين. يا رب العالمين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. اه.