Ads 468x60px

Social Icons

Social Icons

(( وشهد شاهد من أهلها ))

جاء في كتاب مجالس مع الشيخ محمد الأمين الجكنى الشنقيطي عفا الله عنه :

وكانت حلقة الشيخ محمد الأمين في المسجد النبوي الشريف ، و قد ذكر في بعض هذه الدروس أن والدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهل الفترة , وذكر ما يقوله أهل العلم في أهل الفترة.
وحاجه بعض الوهابية بحديث صحيح مسلم " إن أبي وأباك في النار ".

فقال ما قلته اعتماداً على نص من كتاب الله القطعي المتن وقطعي الدلالة ، وما كنت لأرد نصاً قطعي المتن قطعي الدلالة ، بنص ظني المتن وظني الدلالة عند الترجيح بينهما ، فهذا الحديث خبر آحاد ، ومثله حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- عند مسلم: " استأذنت ربي لأزور أمي فأذن لي ، واستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذن لي " ، ولكن أخبار الآحاد ظنية المتن ، فلا يرد بها نص قرآني قطعي المتن ، وهو قولهتعالى: " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً" [ الإسراء:15 ].

وهذا النص قطعي الدلالة لا يحتمل غير ما يدل عليه لفظه بالمطابقة ، بخلاف حديث: " إن أبي وأباك في النار " ؛ فإنه ظني الدلالة ؛ يحتمل أنهيعني بقوله: " إن أبي " عمه أبا طالب ؛ لأن العرب تسمي العم: أباً ، وجاء بذلك الاستعمال كتاب الله العزيز في موضعين:

أحدهما: قطعي المتن قطعي الدلالة ،وهو قوله تعالى في البقرة: " قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ " [ البقرة:133 ] ، وإسماعيل عمه قطعاً ؛فهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.

والموضع الثاني: قطعي المتن لكنه ظني الدلالة، وهو قوله تعالى: " وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ" إلى أن قال: " وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً " [ الأنعام:84/86] ؛ فهو نص قرآني على أن إبراهيم يطلق عليه أبٌ للوط ، وهو عمه على ما وردت به الأخبار ، إلا أن هذا النص ظني الدلالة لأنه يحتمل أن يكون الضمير من قوله تعالى: " وَمِن ذُرِّيَّتِهِ " يرجع إلى نوح ، لأنه قال في الآية من قبل ذلك: " وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ " ، ولكنه احتمال مرجوح؛ لأن الكلام عن إبراهيم.

وإذاً فإنه يحتمل أنه –صلى الله عليه وسلم- لما سأله الأعرابي بقوله: أين أبي ؟ وقال له: إن أباك في النار وولّى والحزن باد عليه ، فقال –صلى الله عليه وسلم- : " ردوه علي " فلما رجع قال له: " إن أبي وأباك في النار " .
يحتمل أنه يعني بأبيه: أبا طالب ؛ لأن العرب تسمي العم أبا لا سيما إذا انضمّ إلى العمومية التربية , والعطف والدفاع عنه.

ثم قال: والتحقيق في أبوي رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنهما من أهل الفترة ؛ لأن تعريف أهل الفترة أنهم القوم الذين لم يدركوا النذارة قبلهم , ولم تدركهم الرسالة التي من بعدهم , فإذا كان ذلك كذلك , فإن والد النبي –صلى الله عليه وسلم- التحقيق أنه مات والنبي – بأبي وأمي هو – حمل في بطن أمه , وأمه –صلى الله عليه وسلم- ماتت وهو ابن ستة أعوام بلا خلاف ؛ وإذاً فإنهما من أهل الفترة.